الجنيه المصري ينجو من ضغوط الدولار.. هل يستمر في الارتفاع؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


شهد سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي ارتفاعًا كبيرًا، ليبلغ أعلى مستوياته منذ تسعة أشهر، مقتربًا من مستوى 49 جنيهًا، وهو ما يطرح تساؤلًا حول إمكانية استمرار الأداء القوي للعملة المحلية لتصل إلى مستوى 45 جنيهًا للدولار الواحد، بعدما نجح في الإفلات من أنياب الدولار.

تحسُّن الجنيه جاء مدفوعًا بزيادة التدفقات النقدية الأجنبية إلى السوق المحلية من عدة مصادر، أبرزها السياحة والصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، إضافة إلى انتعاش المشتريات الخليجية للعقارات المصرية، ما ساهم في تعزيز المعروض من العملات الأجنبية بالسوق المحلية.

سعر الدولار في مصر

وبلغ سعر الدولار اليوم في البنك المركزي المصري نحو 49.01 جنيه للشراء، و49.15 جنيه للبيع، وهي أدنى مستوياته منذ نوفمبر 2024، وهو ما اعتبره خبراء مؤشرًا على تحسن مؤقت في سيولة النقد الأجنبي لدى البنوك.

وجاء أعلى سعر للدولار اليوم في البنوك، في مصرف أبوظبي الإسلامي عند 49.24 جنيه للشراء، بينما بلغ أعلى سعر بيع 49.24 جنيه. 

وحقق سعر الدولار مقابل الجنيه مستوى 49.05 جنيه للشراء، و49.15 جنيه للبيع، في بنوك “نكست” و”SAIB”، و”الأهلي المتحد”، و”الأهلي المصري”، و”الأهلي الكويتي”، و”المصرف العربي”، و”التجاري الدولي”، و”مصر”، و”الإسكندرية”، و”فيصل”، و”السويس”، و”القاهرة”.

بعض فئات العملة الأمريكية

وبلغ سعر الدولار في مصر اليوم مستوى 49.02 جنيه للشراء، و49.12 جنيه للبيع، في بنكي “التنمية الصناعية” و”ميد بنك”، بينما حقق 49.01 جنيه للشراء، و49.11 جنيه للبيع في بنك قطر الوطني، و49 جنيها للشراء و49.10 جنيه للبيع في بنوك “كريدي أجريكول” و”أبوظبي التجاري” و”الكويت الوطني” و”أبوظبي الأول”.

ووصل سعر الدولار اليوم إلى 49.03 جنيه للشراء، و49.13 جنيه للبيع، في بنوك “البركة” و”تنمية الصادرات” و”المصرف المتحد” و”العقاري المصري العربي”. وجاء أقل سعر للدولار اليوم داخل بنك التعمير والإسكان عند 48.95 جنيه للبيع، و49.05 جنيه للشراء.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي، كسر الدولار حاجز الـ50 جنيهًا لأول مرة هذا العام في 25 يونيو الماضي، ليقترب من مستوى 51 جنيهًا، قبل أن يدخل في مسار هبوطي تدريجي استمر لأسابيع متتالية.

تأثير التطورات العالمية

وتوقع كبير الاقتصاديين في شركة “كايرو كابيتال سيكيورتيز” المحاضر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، هاني جنينة، استمرار تحسن الجنيه المصري أمام الدولار خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن صعود العملة المحلية لا يمكن فصله عن التطورات الاقتصادية العالمية وتحركات رؤوس الأموال في الأسواق الناشئة.

وقال جنينة لـ”تليجراف مصر”، إن عددًا من عملات الدول الناشئة، وبينها الجنيه المصري، بدأت تستعيد قوتها أمام الدولار مع خروج تدريجي لرؤوس الأموال من العملة الأمريكية، موضحًا أن المستثمرين اتجهوا مؤخرًا لتحويل جزء من محافظهم الاستثمارية إلى أسواق ناشئة ومتقدمة خارج الولايات المتحدة، وهو ما ساهم في تقليل الضغوط على تلك العملات.

وشهد الدولار تراجعًا حادًا منذ بداية العام، إذ فقد مؤشره نحو 11% خلال النصف الأول من 2025، وسط مخاوف متزايدة بشأن اتساع الدين العام الأمريكي والانقسام الداخلي في السياسات الاقتصادية بواشنطن، وخسر حوالي 8% خلال أسبوعين فقط. ورجح بنكا “جي بي مورجان” و”مورجان ستانلي”، استمرار الاتجاه الهبوطي خلال الأشهر المقبلة مع احتمالات حدوث انخفاض إضافي قد يصل إلى 10%.

الديون الأمريكية

وتجاوز الدين السيادي الأمريكي مستوى قياسيًا بلغ 37 تريليون دولار مقارنة بـ23 تريليونًا فقط في 2020، لترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 100%، ما يهدد مكانة الدولار كعملة مرجعية عالمية ويزيد من حذر المستثمرين تجاهه.

وأكد جنينة، أن هذا التحول انعكس بوضوح في زيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى أدوات الدين المصرية، وعلى رأسها أذون الخزانة وعقود الـ(CIP)، ما أدى إلى تسارع تحسن سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الأسابيع الماضية.

الجنيه مقوم بأقل من قيمته العادلة

وتوقع حصول مصر على تدفقات دولارية كبيرة في النصف الثاني من العام الجاري، بالتزامن مع إنهاء الحكومة المصرية المراجعات الرابعة والخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 2025، وهو ما يمهد الطريق للحصول على شرائح تمويل إضافية. 

وحصلت مصر على نحو 3.5 مليار دولار من قرض صندوق النقد الموقع في 2022، وتم توسعته في مارس 2024 ليصل إلى 8 مليارات دولار، وفقًا للبيانات الرسمية.

كما لفت جنية، إلى محادثات لتحويل ودائع خليجية إلى استثمارات مباشرة، موضحًا أن الكويت تجري مباحثات لتحويل وديعتها البالغة 4 مليارات دولار إلى استثمارات بالسوق المصرية، فيما تتحرك قطر لضخ استثمارات سياحية، بينما تركز السعودية على مشروعات الطاقة والبنية التحتية.

وحول القيمة العادلة للجنيه، أكد جنينة أن العملة المصرية مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية بنحو 10%، مبينًا أن تقديراته تستند إلى نموذج تحليلي داخلي وليس إلى تقارير المؤسسات الدولية مثل “جولدمان ساكس” أو “جي بي مورجان”. وقدّر جنينة القيمة العادلة للجنيه بين 44.5 و45 جنيهًا للدولار، مرجحًا استمرار التحسن في حال استمرار تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة بالوتيرة الحالية ذاتها.

بعض فئات العملة المصرية

سعر صرف مرن

أكدت الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر الأسبق، سهر الدماطي، أن تحركات سعر الجنيه أمام الدولار، صعودًا وهبوطًا، تعكس استمرار تطبيق سياسة سعر الصرف المرن، ما سمح بارتفاع الدولار أمام الجنيه إلى مستوى 50 جنيهًا مع نهاية 2024، قبل أن تبدأ العملة المحلية في تحقيق تحسن تدريجي منذ مطلع العام الجاري، مدفوعة بعدة عوامل اقتصادية داعمة.

وأوضحت الدماطي لـ”تليجراف مصر”، أن أبرز العوامل التي دعمت الجنيه تشمل نمو التدفقات الأجنبية من الاستثمارات غير المباشرة التي تجاوزت، وتحسن صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي، إضافة إلى ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، وعوائد السياحة والتصدير في تحسين ميزان المدفوعات، وهو ما انعكس بشكل مباشر على استقرار سوق الصرف.

وبحسب بيانات البنك المركزي، انخفض عجز حساب المعاملات الجارية بنسبة 69.3% خلال الفترة من يناير إلى مارس 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، مدعومًا بزيادة تحويلات المصريين بالخارج بنسبة 86.6%، وارتفاع الإيرادات السياحية بنسبة 23%، ونمو الصادرات السلعية غير البترولية بنسبة 56.9%.

ورأت الدماطي، أن هناك عوامل أخرى قد تسهم في استمرار تحسن أداء الجنيه خلال النصف الثاني من 2025، أبرزها عدم تأثر العملة المحلية بشكل كبير بالتوترات الجيوسياسية، وانخفاض حجم الالتزامات، فضلًا عن أن تقارير دولية حديثة قدرت الجنيه بأقل من قيمته العادلة، وهو ما قد يشجع المستثمرين على زيادة استثماراتهم في السوق المصرية.

وفي تقرير حديث، أكد بنك “جولدمان ساكس” أن الجنيه المصري لا يزال مقومًا بأقل من قيمته العادلة بنسبة 30%، متوقعًا أن يشهد ارتفاعًا إضافيًا خلال الفترة المقبلة، مدعومًا بتدفقات المحافظ الاستثمارية وتحسن المؤشرات النقدية للبلاد.

تحسن عوائد النقد الأجنبي

فيما أرجع الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة الأسبق، محمد بدرة، استمرار تحسن الجنيه مقابل الدولار إلى عدة عوامل، أبرزها زيادة عوائد السياحة، وارتفاع حجم مشتريات المستثمرين الخليجيين للعقارات المصرية، إضافة إلى الاستقرار الأمني والسياسي الذي عزز ثقة المستثمرين الأجانب.

وأضاف بدرة لـ”تليجراف مصر”، أن نمو حجم الصادرات المصرية، خاصة الحاصلات الزراعية، من العوامل الرئيسية لدعم الجنيه، إلى جانب الزيادة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، نتيجة تعزز ثقتهم في الاقتصاد الوطني، مرجحًا أن تحقق هذه التحويلات طفرة كبيرة خلال 2025 تفوق المستويات المسجلة العام الماضي.

وشهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج طفرة غير مسبوقة خلال الفترة من يوليو إلى مايو من السنة المالية 2024-2025، لتبلغ 32.8 مليار دولار، بزيادة 69.6% مقارنة بـ19.4 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق، وفقًا للبنك المركزي المصري.

ورجح بدرة، استمرار تحسن الجنيه مقابل العملات الأجنبية خلال النصف الثاني من 2025، لكنه ربط الأمر بزيادة العوائد السياحية، وطرح حوافز جديدة للمصريين بالخارج للاستثمار في أوعية ادخارية مقومة بالدولار، ما من شأنه تعزيز تدفقات العملة الصعبة، ليتراوح الدولار بين 45 و50 جنيهاً خلال النصف الثاني من 2025.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً