أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رانيا المشاط، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة أثبتت قدرتها على إحداث تحول حقيقي في اقتصادات الدول النامية.
جاء ذلك خلال مشاركتها في الجلسة الافتتاحية لفعاليات الاجتماع الوزاري العالمي الأول للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، اليوم، الذي يعقد في جنوب أفريقيا تحت عنوان: “استكشاف آفاق جديدة للأعمال: التحول الاقتصادي بقوة المشروعات الصغيرة والمتوسطة”، وينظم الاجتماع مركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة (ITC) بالشراكة مع وزارة تنمية الأعمال الصغيرة بجنوب أفريقيا (DSBD).
وقالت المشاط إن هذه المشروعات تعد محركات رئيسية للتغيير والتنمية، وتمتد آثارها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي لتشكل واحدة من أقوى ركائز النمو والازدهار والابتكار، رغم وجود فجوة تمويلية ضخمة تقدر بـ5.2 تريليون دولار، وفقًا لتقديرات البنك الدولي
دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
وخلال كلمتها في الجلسة، أشارت المشاط إلى الأهمية البالغة لعقد أول اجتماع وزاري عالمي مخصص لبحث سبل دعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأضافت أن انعقاد هذا الاجتماع في هذا التوقيت الحساس للاقتصاد والتجارة العالمية يعكس وعيًا دوليًا متزايدًا بدور هذه المشروعات كإحدى أهم أدوات تحقيق النمو الاقتصادي الشامل.
وفي حديثها عن الوضع في أفريقيا، لفتت إلى أن نسبة المشاركة في سوق العمل بالقارة لا تتجاوز 38.29% من إجمالي السكان، وهو ما يمثل مؤشرًا واضحًا على الحاجة الماسة إلى استغلال الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة بشكل أفضل للتغلب على هذه التحديات.
وشددت على ضرورة إطلاق الإمكانات الكاملة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل مواجهة هذه التحديات، موضحة أن هذه المشروعات تمثل على مستوى العالم أكثر من 90% من إجمالي عدد الشركات، وتوفر ما يصل إلى 70% من فرص العمل، وتسهم بأكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
رؤية مصر 2030
وتطرقت إلى الوضع في مصر، موضحة أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تمثل نحو 43% من الناتج المحلي الإجمالي، وتستوعب ثلاثة أرباع القوى العاملة المصرية، مشيرة إلى أن رؤية مصر 2030 وضعت هذه المشروعات في قلب الإصلاحات الهيكلية، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل النمو الأخضر، التجارة الإقليمية، والابتكار الرقمي.
وأضافت أن إنشاء جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عام 2004 شكل قاعدة قوية لدعم هذا القطاع في مصر، حيث يقدم الجهاز خدمات مالية، وبرامج لبناء القدرات، ودعمًا للتصدير، فضلًا عن إجراء إصلاحات تنظيمية ساعدت على تحسين بيئة الأعمال، ما مكن هذه المشروعات من لعب دور محوري في دفع النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
كما تحدثت عن إطلاق المجموعة الوزارية لريادة الأعمال التي تضمن التنسيق بين مختلف جهات الحكومة والشركاء التنمويين والقطاع الخاص، مع تركيز خاص على التمويل والتنظيم وبناء منظومة الابتكار.
منصة “حافز”
وأشارت إلى منصة “حافز” التي تم إطلاقها في عام 2023 لتقديم الدعم المالي والفني للقطاع الخاص، حيث تستفيد منها أكثر من 22 ألف شركة للاطلاع على الآليات التمويلية والمناقصات والخدمات الاستشارية المتاحة من شركاء التنمية.
وأوضحت أن هذه الجهود تأتي ضمن إطار أوسع يشمل حشد تمويلات ميسرة تزيد عن 15.6 مليار دولار للقطاع الخاص خلال الفترة من 2020 إلى 2025، ودعم فني بقيمة تتجاوز 228 مليون دولار، وهو ما ينعكس بشكل كبير على تطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التحول الرقمي، وتيسير التجارة.
وأشارت إلى استراتيجية التعاون جنوب-جنوب والتعاون الثلاثي التي أطلقتها وزارة التخطيط، لتعزيز تبادل الخبرات وتوسيع نطاق الممارسات الناجحة، مؤكدة أن مصر تشارك بفاعلية في المحافل الدولية، وكان آخرها حضورها للاجتماع الوزاري لفريق عمل التنمية ضمن رئاسة جنوب أفريقيا لمجموعة العشرين.
وشددت الوزيرة على أنه في ظل تعقيد مشهد التجارة العالمي، فإن تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة يعد ضرورة قصوى لقيادة جهود النمو، مشيرة إلى أن مصر تعمل على تعزيز مشاركة هذه المشروعات في سلاسل القيمة الإقليمية من خلال اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، إضافة إلى دعم الاندماج في قطاعات مثل الزراعة والصناعات الخضراء والخدمات الرقمية.
وأكدت أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تكون أداة رئيسية لحل معضلة الديون في الدول النامية، مشيرة إلى ما جاء في “ميثاق المستقبل” الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمستقبل، والذي أكد دور هذه المشروعات كركيزة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية طويلة المدى.
كما أشارت إلى مشاركتها في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية، والذي شهد تعهدات واعدة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما يفتح الباب لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي لصالح هذه المشروعات، خاصة في الدول النامية، من خلال تعزيز الشمول المالي، والاستفادة من التقدم التكنولوجي، وتوسيع النفاذ إلى الأسواق.
وأشارت إلى استعداد مصر للتعاون مع الحكومات والمؤسسات في دول الجنوب لتكرار تجربة منصة “حافز” باعتبارها منفعة عامة إقليمية، مرحبة في الوقت ذاته باستضافة أول اجتماعات منتدى المقرضين ومنصة المعلومات المشتركة التي اقترحها فريق خبراء الأمين العام للأمم المتحدة.