الخرطوم/ عادل عبد الرحيم – أحمد ساتي/ الأناضول
بعد خلوه لأكثر من عامين جراء اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بدأ سوق مدينة أم درمان العريق، أحد أكبر أسواق العاصمة الخرطوم، في استعادة حيويته تدريجيا عقب إعلان الجيش استعادة سيطرته على كامل العاصمة.
ويقع السوق وسط المدينة التي يطلق عليها “أم درمان القديمة” والتي كانت مسرحا لمعارك عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع” منذ 15 أبريل/ نيسان 2023 وحتى 20 مايو/ أيار 2025، التاريخ الذي أعلن في الجيش سيطرته على الخرطوم.
وتتكون الخرطوم باعتبارها عاصمة السودان من 3 مدن هي الخرطوم (جنوب شرق) وبحري (شمال شرق) وأم درمان (غرب)، وترتبط فيما بينها بجسور على نهري النيل الأزرق والنيل الأبيض.
ويُعد سوق أم درمان أكبر سوق تاريخي في السودان، حيث لا يزال يقف شامخا منذ نحو قرنين من الزمان، ويعكس طابعا ثقافيا متعددا يجمع بين عبق الماضي وروح الحاضر.
ويتميز السوق بتنوع منتجاته التي تشمل الصناعات اليدوية والأجهزة الإلكترونية والمواد الغذائية، إضافة إلى أدوات المطبخ والملابس والصرف الصحي.
وبعد سيطرة الجيش على الخرطوم، بدأ السوق يشهد حركة انتعاش تدريجية، حيث أصبح واحدا من كل أربعة محلات فيه مفتوحا، ومنها محلات تجارية ومطاعم وصيدليات، إضافة لافتتاح محلات جديدة، بحسب مراسل الأناضول.
الأناضول زارت السوق والتقت عددا من أصحاب المحلات الذين عبروا عن سعادتهم بعودة الحركة التجارية في السوق وتطلعهم لزيادة رواده في الفترة المقبلة.
** تفاؤل رغم الخسارة
بائع الأجهزة الكهربائية الصادق عمر، قال للأناضول إنه أعاد فتح محله بعد 27 شهرا من التوقف بسبب الحرب.
وقال: “هذا أول يوم عمل لي بعد أن قررت إعادة فتح متجري”.
وأضاف: “بحمد الله فتحنا، وكما ترون السوق بدأ يعمل، والناس بدأت بالرجوع إلى المدينة والسوق”.
وأعرب عمر عن تمنيه بعودة الجميع إلى متاجرهم في السوق، مضيفا: “نحن متفائلون بالعودة رغم الخسائر الكبيرة التي تعرضنا لها، وتضررنا من النزوح عن المدينة وسوق أم درمان”.
ورغم أن آثار الحرب لا تزال واضحة في السوق، مثل المباني المدمرة والمحروقة، والجدران المخترقة بالرصاص، وأعمدة الكهرباء والكابلات الملقاة على الأرض، إلا أن أصحاب المحلات والمسؤولين الحكوميين والمواطنين يعملون بكل طاقتهم لإعادة الحياة إلى السوق.
** زيارة رئيس الوزراء
وفي 20 يوليو/ تموز الجاري، زار رئيس الوزراء كامل إدريس، سوق أم درمان خلال زيارته الأولى للخرطوم منذ تعينه في 30 مايو/ أيار الماضي.
وتفاعل رواد السوق من البائعين والمتسوقين مع زيارة إدريس، الذي خاطبهم قائلا: “عائدون عائدون”، ورددها معه جمع من الحضور.
واندلعت الاشتباكات في الخرطوم منتصف أبريل/ نيسان 2023، وامتدت إلى العديد من المناطق وسط وجنوب وغرب البلاد، وأسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وبدأت مساحات سيطرة “الدعم السريع” تتناقص بشكل متسارع في مختلف ولايات السودان لصالح الجيش، الذي وسّع من نطاق انتصاراته لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض.
** عودة بعد نزوح
يونس محمد، صاحب صيدلية بسوق أم درمان، قال للأناضول إنه أغلق الصيدلية منذ بداية الحرب، لكنه تمكن من نقل الأدوية وبيعها في الريف الشمالي للمدينة أيام الحرب.
وأضاف للأناضول: “بعد انتهاء الحرب في الخرطوم، وخلو مدينة أم درمان من الدعم السريع، قمنا بعمل صيانة للصيدلية، ونحن مستمرون في العمل”.
من جانبه، أفاد عبد الرحمن شنبة، تاجر ملابس في السوق، أنه نزح خارج الخرطوم بسبب الحرب، لكنه عاد حاليا بعد عودة السوق للعمل.
ودعا شنبة بقية التجار في السوق إلى العودة وفتح متاجرهم.
وأشار إلى توفر الكهرباء والمياه والأمن في السوق، ما يجعل أعداد العائدين في ازدياد بشكل ملحوظ.