دم هذا الرجل ليس سهلاً.

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


أكدت هيئة الدفاع في قضية مقتل النائب الدكتور عبد الحميد الشيخ، أن مكتبهم تقدم صباح اليوم الثلاثاء بمذكرة هامة إلى النائب العام، وجاء بها:

أن واقعة مقتل الدكتور عبدالحميد الشيخ – طبيب القلوب ونائب الشعب وأحد أبناء مصر البارين – التي باغتت المجتمع المصري كله في مطلع يونيو الجاري، حين عُثر عليه جثةً هامدة داخل منزله، في مشهد صادم لا يُفسر بسهولة، ولا يُقنع عاقل بتفسير «الانتحار» الذي طُرح سريعًا من قبل بعض المصادر الرسمية.

وأنه بتاريخ 10 يونيه 2025 عُثر على جثمان الفقيد داخل منزله الكائن بقرية بابل وكفر حمام – مركز تلا – محافظة المنوفية، وقد بدت عليه إصابات متعددة، في مواضع مختلفة من الجسد، الأمر الذي يشي بصراع أو اعتداء لا مجرد انتحار مزعوم.

وردت إلى هيئة الدفاع معلومات مؤكدة وشهادات مستقلة تفيد بأن بعض أقارب الفقيد – ممن كانوا أول من تواصل مع المباحث وروّجوا منذ اللحظة الأولى لفرضية الانتحار – قد قاموا بالدخول إلى مسرح الجريمة قبل وصول الجهات الرسمية، وعبثوا به على نحو يُشكل إتلافًا عمديًا لأدلة الجريمة.

وتحديدًا، ثبت الآتي:

1- تم نقل جثمان الفقيد من موضعه الأصلي داخل «البانيو» إلى غرفة النوم.

2- تم تغيير ملابسه دون أي سند طبي أو إذن قضائي.

3- تم تنظيف الحمام الذي وقعت فيه الجريمة، بما قد يكون قد أزال آثار دماء أو بصمات أو أدوات محتملة الاستخدام.

وهذه الأفعال تعد تدخلًا غير مشروع في مسرح جريمة، وتخالف القواعد الجنائية المستقرة في شأن حفظ الأدلة وسلامة المعاينة الأولية.

– كما أن السبق في الترويج لرواية الانتحار، ثم العبث المادي بمسرح الجريمة، يطرح علامات استفهام كبرى بشأن نية توجيه التحقيق في اتجاه معين، بما يُعد محاولة للتأثير على سير العدالة، أو تضليل جهات التحقيق.

– حيث تشير الوقائع، والمشاهدات الأولية، إلى أن مسرح الجريمة لم يُعامل باعتباره «مسرحًا مغلقًا»، بل جرى دخوله والخروج منه لأكثر من طرف – قبل وصول النيابة، وأثناء الفحص – وهو ما أدى إلى:

1- العبث ببعض الأدلة المادية، مثل موقع الجثمان، زاوية سقوطه، أو مكان الأداة.

2- عدم فرض طوق أمني حقيقي حول المنزل، مما سمح بدخول أفراد لا علاقة لهم بالتحقيق.

3- فقدان أي أثر لبصمات أو آثار أقدام، نتيجة تحرك غير مهني داخل المكان.

وحيث أُبلغت الجهات المختصة، وانتقلت قوة من الشرطة، وتم تحرير محضر بالواقعة، وأُخطرت النيابة العامة التي باشرت التحقيق.

لكن منذ اللحظة الأولى، بدت هناك نغمة استباقية في التعاطي مع القضية، تمثلت في التصريحات التي صدرت عن بعض المصادر الأمنية أو الإعلامية، والتي راحت تُرجّح «الانتحار» دون انتظار للتقرير الطبي النهائي، ودون إجراء معاينة متعمقة أو تحريات شاملة.

كما أبدت هئية الدفاع ملاحظات جوهرية على مسار التحقيقات تمثلت في:

1- سرعة الدفع بفرضية الانتحار دون فحص وافٍ.

2- الانتحار، بصفته أمرًا استثنائيًا ونادرًا في حياة رجل مثل الفقيد، لا يجب أن يُطرح دون تحقق علمي ومهني دقيق، خاصة حين يكون المتوفى طبيبًا وعضوًا في مجلس النواب، وأعلن عن نيته الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة.

3- الفقيد لم يكن يعاني من أية اضطرابات نفسية، ولم يصدر عنه ما يشير إلى اضطراب أو رغبة في إنهاء حياته، بل كان قد انتوى الترشح للانتخابات النيابية المقبلة وهو ما يتنافى تمامًا مع سيناريو الانتحار.

4- وجود إصابات لا تتسق مع فرضية الانتحار حيث تُظهر إصابات في مواضع متعددة: الرأس، الرقبة، اليد، مما يطرح احتمال حدوث مقاومة أو اعتداء.

5- القصور في التحري وجمع الأدلة إذ لم يتم الإعلان عن تشكيل فريق بحث متخصص كما هو متبع في مثل تلك الحالات وعن وجود تحريات جادة شاملة أجراها قطاع الأمن العام رغم خطورة الواقعة.

6- لم يُعلن عن تفريغ كاميرات المراقبة المحيطة بمنزل الفقيد، أو عن تتبع أي حركة دخول وخروج في محيط مكان الجريمة وكذا فحص هاتفه المحمول.

7 – تأخر التقرير النهائي للطب الشرعي وعدم وجود تقرير نهائي معتمد من لجنة ثلاثية محايدة، وهو ما يُعد من مقتضيات التحقيق في القضايا ذات الطابع العام، سيما التي تمس شخصيات عامة.

هذا وقد استطلعت هئية الدفاع آراء المتخصصين والهيئات المهنية:

-أطباء شرعيون سابقون وأكاديميون في كليات الطب الشرعي صرّحوا علنًا أن تقرير الوفاة يفتقر إلى المنهج العلمي المطلوب، وأن الادعاء بأن «المقوار» أداة انتحار يتعارض مع المنطق والتجربة الطبية.

-تحليلات تقنية عبر الذكاء الاصطناعي – باستخدام برامج معتمدة لتحليل الصور وتقنية المحاكاة ثلاثية الأبعاد – أظهرت أن زاوية الجرح النافذ وطبيعة التمزقات الجلدية لا يمكن أن تُحدثها الأداة الموصوفة دون تدخل خارجي.

-النماذج الذكية المستخدمة لتحليل صورة الجثة ومكان الإصابة في بيئة معملية رقمية (Virtual Forensic Simulation)  – محاكاة الطب الشرعي الافتراضيه – أثبتت أن الجرح لا يتطابق مع حالات انتحار مماثلة، وإنما يُشبه نمطًا شائعًا في حوادث الطعن الجنائي.

-هذه التحليلات لا تُمثل تكذيبًا لمصلحة الطب الشرعي، ولكنها تُمثل دفعًا علميًا موضوعيًا بضرورة إعادة الفحص والتشريح بمعرفة لجنة خماسية محايدة من كبار الأساتذة، كما هو متبع في القضايا التي تمس الرأي العام.

وبناءً على ما سبق، طالبت هئية الدفاع إعادة فتح الباب مجددًا لإعادة الفحص على أسس علمية، بمعرفة خبراء مستقلين (خاصة وأننا سنتقدم خلال الأيام القليلة القادمة بتقرير طبي شرعي استشاري معتمد يؤكد حدوث واقعة الاعتداء)، مع تشكيل فريق بحث جنائي عالي الكفاءة، والتحقيق في وقائع إهمال مسرح الجريمة، ومحاسبة كل من فرّط في جمع الدليل أو التهوين من شأنه.

وبناءً عليه تطالب هئية الدفاع بضرورة فتح تحقيق مستقل في هذه الوقائع، وسماع شهادة من كانوا متواجدين بموقع الحادث فور اكتشاف الوفاة، والتحفظ على كافة الاتصالات التي جرت بينهم وبين آخرين، ومعاينة ملابس الفقيد التي تم استبدالها وبيان توقيت نقل الجثمان وملابس المتوفى الأصلية.

هذا وقد انتهت العريضه المقدمه صباح اليوم إلى الطلبات القانونية المشروعة التالية:

1- استكمال التحقيق في الواقعة تحت إشراف مباشر من مكتب معالي المستشار الجليل النائب العام.

2- ندب لجنة خماسيه محايدة من أساتذة الطب

الشرعي لإعادة تشريح الجثمان أو إعادة فحص التقارير الأولية وتحليل مدى معقولية فرضية الانتحار.

3-تكليف قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية بتشيكل فريق بحث جنائي متخصص بإجراء تحريات تكميلية، تشمل: تتبع العلاقات المهنية والشخصية للفقيد و تفريغ كاميرات المراقبة بمحيط المنزل وسماع أقوال الجيران والأقارب.

وسماع أقوال أسرة الفقيد ومحاميهم رسميًا، وتضمين ما لديهم من مستندات وشهادات.

4- سماع شهادة (الإفادة بمذكرات) من عدد من السادة القضاه اقارب الفقيد تم إفادة نيابة شبين الكوم الكلية بكافة بياناتهم .

وكذا سماع شهادة أحد اقارب الفقيد وهو ضابط بالقوات مسلحة، واللذين تواجدوا بعد الوفاة وهم من اصروا على استدعاء الشرطة ووقف إجراءات الدفن غير القانونية.

وانتهت العريضة إلى: «إن دم هذا الرجل ليس ماء.. وصوته لم يكن يعلو إلا في ساحات الوطن، وموته ليس لغزًا يمكن تجاوزه ببيان مقتضب أو تبرير هش، وإن أضعف الإيمان، أن تُمنح أسرته حقها في معرفة الحقيقة، وأن يحظى الرأي العام بتحقيق شفاف، لا يُحابي ولا يُجامل، إننا لا نطلب إلا العدالة، ولا نُقدّم هذه المذكرة إلا استنادًا إلى حق دستوري أصيل في إجلاء الحقيقة، وتفكيك الغموض، وإنصاف الراحل وتاريخه وأسرته».



‫0 تعليق

اترك تعليقاً