لا تزال قرية دلجا التابعة لمركز دير مواس بمحافظة المنيا، تعيش في حالة من الغموض حول وفاة 6 أطفال أشقاء، في واقعة غامضة هزت الرأي العام، على مدار الأيام القليلة الماضية.
وتوفيت الطفلة السادسة “فرحة”، صباح اليوم، في مستشفى الإيمان بأسيوط، لتلحق بأشقائها الخمسة، بعد تدهور حالتها الصحية في أعقاب الوفيات المتتالية لأشقائها.
كانت النيابة العامة قد باشرت التحقيقات في وفاة الأطفال الخمسة السابقين، وسط تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الوفيات المتتابعة، ومع وفاة “فرحة”، تتزايد الحاجة إلى كشف ملابسات هذه الفاجعة بشكل كامل.
وعانى الأطفال الراحلون، من أعراض مماثلة، كلها أودت بحياتهم، إذ شملت القيء والحمى والارتفاع الشديد في معدل درجات حرارة الجسم.
لغز الوفاة
مصدر بوزارة الصحة والسكان، زعم أن سبب الوفاة ناتج عن تسمم كيميائي بمبيد حشري يعرف باسم “وندر”، مستندًا على التحاليل المعامل المركزية والتحقيقات الأولية بالوزارة.
وأوضح المصدر لـ”تليجراف مصر”، أن نتائج التحاليل أظهرت أن تتابع الوفاة بين الأطفال ارتبط ببنيتهم الجسدية، إذ فقد الأصغر سنًا والأضعف جسديًا حياتهم أولًا، بينما استمرت حياة بعض الأشقاء الأكبر سنًا لأيام قبل وفاتهم، فيما كانت الطفلة الكبرى آخر المتوفيين.
وأشار المصدر، إلى أن الأب ظهرت عليه الأعراض متأخرًا مقارنة بأطفاله، نتيجة قدرة جسده على مقاومة التسمم لفترة أطول، لافتا إلى أن حالته الصحية مستقرة ولا يعاني من أي مضاعفات في الوقت الحالي.
يُذكر أن والد الأطفال يتلقى العلاج في العناية المركزة بمستشفى أسيوط، بعد ظهور أعراض مشابهة عليه خلال الأيام الماضية، مما يزيد من تعقيد الموقف ويثير تساؤلات جدية حول احتمالية وجود شبهة جنائية أو مصدر خارجي لتسمم محتمل يقف وراء هذه الوفيات المتتالية.
مرض غامض أو تفشّي عدوى
نفى المصدر بشكل قاطع، ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، حول إصابة الأسرة بمرض غامض أو تفشّي عدوى وبائية، مؤكدًا أن كل ما يتم تداوله غير علمي ولا يستند إلى أي دليل، وأن الهدف منه إثارة البلبلة بين المواطنين.
من جانبها، شددت وزارة الصحة، على أن الوضع الصحي في قرية دلجا مستقر تمامًا، ولم تسجل أي زيادة في معدلات الأمراض المعدية بمحافظة المنيا، ولا إصابات بين المحيطين بالأسرة من أقارب أو جيران.
كما أثبتت تحاليل الدم والبول والسائل النخاعي، إلى جانب عينات المياه من المنزل، خلوّها من أي مسببات مرضية أو ميكروبية، بما في ذلك الالتهابات البكتيرية والفيروسية.
وتواصل النيابة العامة، تحقيقاتها لتحديد ملابسات الحادث، وكشف مصدر المادة السامة التي تسببت في الكارثة، وسط حالة ترقب وانتظار من الأهالي الذين يطالبون بسرعة إعلان النتائج النهائية.
موقف الأم من الإصابات
عميد كلية الطب بجامعة أسيوط، الدكتور علاء عطية، نفى في تصريح لـ”تليجراف مصر”، ما تردد بشأن إصابة وحجز والدة أطفال قرية دلجا، مؤكدًا أن المريض المحجوز هو الأب، والذي تم نقله إلى العناية المركزة، فالزوجة لم تخضع لأية فحوصات طبية، وأنها متواجدة في المستشفى بصفتها مرافقة لزوجها، برفقة شقيقته.
هل يوجد التهاب سحائي في المنيا؟
وأصدرت وزارة الصحة والسكان، بيانًا رسميًا، حول ما يثار عن تسبب مرض الالتهاب السحائي في ارتفاع معدل الوفيات، موضحة أن الالتهاب السحائي هو مرض ينتج عن التهاب الأغشية المحيطة بالمخ والحبل الشوكي (السحايا)، وقد يكون ناتجًا عن ميكروبات (بكتيريا، وفيروسات، وفطريات، أو طفيليات)، أو لأسباب غير ميكروبية مثل (الأورام، والأدوية، والعمليات الجراحية، أو الحوادث).
وأكدت الوزارة أن مصر نجحت في السيطرة على النوع البكتيري المعدي منذ عام 1989، إذ انخفض معدل الإصابة إلى 0.02 حالة لكل 100.000 نسمة، وذلك بفضل جهود الترصد والتطعيمات الوقائية، مضيفة عدم رصد أي حالات وبائية من النمطين البكتيريين (A&C) بين طلاب المدارس منذ عام 2016، نتيجة استراتيجية التطعيمات الفعالة.
وأضافت الوزارة، أن ما يشاع عن وفاة الأشقاء في نفس التوقيت بسبب الالتهاب السحائي- عارٍ من الصحة وغير موثق علميًا- للأسباب التالية، حيث لا يوجد دليل طبي يدعم حدوث الوفيات في توقيت واحد في الأمراض المعدية، ويجب استبعاد الأسباب غير المعدية (مثل التسمم الغذائي أو الكيميائي) قبل تأكيد السبب، وأن في في حالات التفشي الأسري، تكون الوفيات متقاربة زمنيًا (ضمن أيام)، وليست متطابقة، واستجابة الأجسام للعدوى تختلف حسب العمر، المناعة، والعبء الفيروسي، مما يجعل الوفاة في توقيت واحد لـ4 أشقاء غير منطقية طبيًا.