أصدرت جمعية الصحفيين «SDJ» التابعة لوكالة «فرانس برس» نداءً مؤثرًا، يوم الاثنين، وصفت فيه تردي ظروف معيشة مراسليها العاملين في غزة. فيما يحذر مراسلها من أنه «بدون تدخل فوري فإن آخر المراسلين في غزة سوف يموتون».
وقالت جمعية الصحفيين، التي تهدف إلى حماية استقلالية الصحافة، في بيان: «فهمنا منذ أيام من رسائلهم الموجزة أن حياتهم لم تعد ذات قيمة، وأن شجاعتهم، التي كرسوها لأشهر طويلة لنقل الأخبار إلى العالم أجمع، لن تساعدهم على البقاء».
«إسرائيل» تمنع الصحفيين من دخول غزة
منذ ما يقارب العامين، لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأي صحفي دولي بدخول قطاع غزة. ولتغطية الحرب على الأرض، تعمل وكالة «فرانس برس» مع ثلاثة مصورين، وستة مصوري فيديو مستقلين، وكاتب مستقل، جميعهم من سكان قطاع غزة، وتقول الوكالة: «مع قلة قليلة، أصبحوا الآن الوحيدين الذين ينقلون ما يحدث».
أحد مراسليها، المصور بشار طالب، «يعمل ويعيش في ظروف مماثلة لظروف جميع سكان غزة، متنقلاً بين مخيمات اللاجئين حسب ما يمليه القصف الإسرائيلي». وقال طالب في منشور على فيسبوك يوم السبت: «لم أعد أقدر على العمل الإعلامي. جسدي نحيل، ولم أعد أستطيع العمل».
– غوتيريس: «آخر شرايين الحياة» لسكان غزة على شفا الانهيار
– بيان مشترك لـ25 دولة يطالب الاحتلال بإنهاء حرب الإبادة في غزة «فورًا»
منذ أكثر من عام، يعيش بشار في فقر مدقع ويعمل في ظل مخاطر جسيمة على حياته، بحسب جمعية الصحفيين بوكالة «فرانس برس»، التي تابعت: «يعيش بشار في أنقاض منزله بمدينة غزة منذ فبراير مع والدته وإخوته الأربعة وعائلة أحد إخوته. منزلهم خالٍ من أي وسائل راحة أو رفاهية، باستثناء بعض الوسائد. صباح الأحد، أبلغ أن شقيقه الأكبر مات جوعًا».
صحفية: «لا أعلم إذا كنت سأعود حيًا»
صحفية أخرى مستقلة وهي «أحلام»، لا تزال صامدة رغم شحّ الطعام والماء. وقالت في بيان لها: «في كل مرة أغادر فيها الخيمة لتغطية حدث، أو إجراء مقابلة، أو توثيق قصة، لا أعرف إن كنت سأعود حيّة».
إزاء ذلك، تأسف جمعية «SDJ» لأن رواتب المراسلين لا تُحسّن وضعهم، بسبب الأسعار المرتفعة للغاية، وتضيف: «لقد اختفى النظام المصرفي، ويحصل من يحوّلون الأموال بين الحسابات المصرفية الإلكترونية والنقدية على عمولة تقارب 40%».
من الصعوبات الأخرى التي واجهتها وكالة الصحافة المستقلة «SDJ» في تغطية حرب غزة صعوبة الوصول إلى السيارات. وأوضحت: «لم تعد وكالة فرانس برس تملك سيارة، ناهيك عن الوقود اللازم لصحفييها للسفر لإنجاز تقاريرهم. السفر بالسيارة في كل الأحوال يُمثل خطر استهداف سلاح الجو الإسرائيلي». والنتيجة؟ يسافر الصحفيون «سيرًا على الأقدام أو على عربات يجرها حمار».
مع كل هذه الصعوبات التي تثقل كاهله، يعترف بشار طالب بأنه يشعر «بالهزيمة». ويقول: «أتمنى لو أن السيد ماكرون (رئيس فرنسا) يستطيع مساعدتي على الخروج من هذا الجحيم».
«فرانس برس: للمرة الأولى منذ 1944 نخشى أن يموت مراسلونا في غزة جوعًا
وتختتم جمعية الصحفيين «SDJ»: «منذ تأسيس وكالة فرانس برس في أغسطس 1944، فقدنا صحافيين في النزاعات، وكان بين صفوفنا جرحى وسجناء، لكن لا أحد منا يتذكر رؤية متعاون يموت جوعاً».
وفي وقت سابق الإثنين، طالبت 25 دولة غربية بإنهاء الحرب في غزة «فورا»، معتبرة أن معاناة المدنيين الذين تتهددهم المجاعة بلغت «مستويات غير مسبوقة»، في وقت أعلنت فيه «إسرائيل» توسيع عملياتها العسكرية لتشمل مدينة دير البلح في وسط القطاع المحاصر والمدمرّ.
ويواجه سكان غزة نقصا حادا في الغذاء والاحتياجات الأساسية، فيما تفيد جهات طبية والدفاع المدني ومنظمة «أطباء بلا حدود» بتسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات سوء التغذية خلال الأيام الأخيرة.